السبت 19 أبريل 2025
العربية | Français ٰ
العربية | Français ٰ

البروفسور عبد اللطيف بربيش أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية

كـــــلــــمــــــة

البروفسور عبد اللطيف بربيش

أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية

 

حضرة السيد المدير العام لمنظمة الإيسيسكو الدكتورعبد العزيز بن عثمان التويجري،

حضرات السادة والسيدات،

 

فقد المغرب في السنوات الأخيرة طائفة من الأعلام شاركوا في العمل الوطني أيام الاستعمار الأجنبي وبعده. عول عليهم الوطن بعد الاستقلال فساهموا، كل من جهته، في بناء الدولة المغربية الحديثة بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله وجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره.

 

وإذا كانت بين أولئك الأعلام خصال مشتركة تتمثل في انتماء جلهم إلى منظومة التعليم الأصيل المتوج بالتخرج من جامعة القرويين، ثم الدأب على الكتابة والتأليف، والعمل في الوظائف المختلفة، فإن الأستاذ عبد الهادي بوطالب، يتميز بعضوية أكاديمية المملكة المغربية وتوليه في الوقت نفسه إدارة هذه المنظمة العتيدة، منظمة الإيسيسكو، التي يخلفه فيها صديقنا العزيز المدير العام المقتدر الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، هذا إلى جانب عمله مستشارا لصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله.

 

إن من يطلع على سيرة الرجل، يرى أنه المشارك في معارف زمانه، المتمكن من اللغة العربية التي أتقنها، ومن لغات أجنبية أدركها كهلا واستعملها في المناصب العليا التي تولاها. وهذا من علامات نبوغه. ثم إنه من أصغر خريجي القرويين عمرا، فارتمى إلى العمل الوطني والحزبي. وأحرز على الشهادات التي أهلته للتدريس في الجامعة المغربية في مادة القانون الدستوري، ثم تقلد المناصب الوزارية والدبلوماسية، ودخل الباب الواسع للدبلوماسية الموازية حين كان مستشارا لجلالة الملك الحسن الثاني يرحمه الله، موفدا من قبل جلالته في مهمات صعبة، فأبلى فيها البلاء الحسن بفضل مواهبه وعلاقاته الشخصية برؤساء الدول وزعمائها، خاصة في العالم العربي والإسلامي.

 

أول ما عرفته كان وقت تولي علاجه في حالات مرضه، ثم زدت تعرفا عليه حين أصبح عضوا في أكاديمية المملكة المغربية، فرأيت فيه ما يقال بأن الخبر قد صدق الخبر. لقد ميزه الله بذكاء عز مثيله، يدرك الأمور بسرعة، ويتناولها بأسلوبه الخاص المؤدي إلى فك المعضلات السياسية الأكثر خطورة، ولم يكن الرجل من المنغلقين الشادين، بل كان من ذا دعابة ونكتة كثيرا ما تنفذ إلى صميم الحدث والموقف. مكنته تجربته الطويلة من الإفادة في عمله الأكاديمي بالبحوث القيمة التي شارك بها في الدورات الدولية والندوات الوطنية التي تنظمها الأكاديمية. وكان فيها العالم بأمور السياسة والقانون التي طرحناها على بساط البحث. فقد سجلت له الأكاديمية مقالات وبحوثا نشرتها في مطبوعاتها، وكلها مراجع للدارس والمستفيد.

 

ومن خصال الأستاذ عبد الهادي يرحمه الله، قوة الشخصية، والشجاعة في القول، والأنفة في الشدائد، ولطف الخطاب لمستحقيه. كان دؤوبا على الكتابة، فألف في السياسة والقانون الدستوري الذي كان يدرسه في الجامعة، وفي الأدب عامة، وأدب السيرة الذاتية خاصة، والقرآن الكريم الذي أخذ يكتب عنه في أواخر عمره. وكأني بحياة الرجل دائرة من باب عود على بدء. تخرج من جامعة القرويين، رباط القرآن، شابا يافعا، وعاد إلى القرآن أيام الشيخوخة، وهذا دأب الجيل السابق الذي كان يعيش مع القرآن، يستمد منه في أول حياته، ويمد معاني القرآن بمعارفه هو، بعد تجربة الحياة.

 

سألناه ذات يوم : كيف رغبت عن كتابة النثر السهل الممتنع كما فعلت في كتابك عن ابن الخطيب، وصرت تكتب هذه الكتابة التي نقرأها لك اليوم. قال : يومذاك كان القراء يتذوقون ذلك الأسلوب فلبيت رغبتهم ورغبتي. واليوم يحبون السهل في كل شيء، فصرت أكتبليفهمونني. ثم إنه من فعل العمل الصحفي الذي اشتغلت فيه وسرت على نهجه في الكتابة، ولا أظنني أكتب لغة عربية فجة ! هذا هو الرجل الذي يتماثل أمام أعيننا كلما تذكرناه، وكثيرا ما نتذكره ونذكره بالقول الحسن.

 

رحم الله الأستاذ عبد الهادي بوطالب، لقد فقد فيه المغرب الرجل الكفء، والرجل المقدام، والرجل المفكر، والرجل ذا الرأي الأصيل والثاقب. ورزق ذويه ومحبيه الصبر والسلوان، إنه سميع عليم، والسلام عليكم ورحمة الله.

شهادات
السيرة الذاتيه

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

رسالة وأهداف

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي