الأحد 9 مارس 2025
العربية | Français ٰ
العربية | Français ٰ

شهادة أحمد المختار مبو عضو أكاديمية المملكة المغربية

شهادة حول عبد الهادي بوطالب

 

أحمد المختار مبو

عضو أكاديمية المملكة المغربية

 

أصحاب السعادة،

سيداتي،

سادتي،

 

عندما استدعتني الأخت فاطمة الجامعي والأخ محمد عزيز الحبابي أنا وزوجتي لهذه الأمسية أجبنا حينا بأننا سنحضر. ذلك أننا  سنسعد بلقاء نخبة من المثقفين المغاربة الذين سيجتمعون ليتحدثوا عن الأعمال الثقافية والسياسية لزميلنا وصديقنا العزيز عبد الهادي بوطالب. ولكن عندما التمست مني أن أقدم شهادة حول صديقنا لا أخفيكم أنني ترددت قليلا. تساءلت عما إذا كان بإمكاني حقا، وأنا الذي لم أقم في المغرب إلا قليلا ولم أتابع نشاط عبد الهادي بوطالب، أن أقدم شهادة صحيحة حول ما أنجزه لصالح بلاده، سواء على الصعيد الثقافي أم على الصعيد السياسي. لكن انقدت مع قلبي أكثر مما استجبت لعقلي فقبلت.

 

صديقي العزيز. أود أن تكون تحيتي لك هذا المساء حديثا عن الشغف الذي عشناه معا. الشغف بالتربية في المعنى الكامل للكلمة، الشغف بخدمة المصالح العامة التي تلتقي مع الكفاح من أجل كرامة شعوبنا.

 

لقد كنت مربيا نابغة. اخترت ذلك حينما كانت بلداننا مستعمرة ولم تكن مهنة المربي سهلة كما يمكن أن يتصور، لعلها كانت الوسيلة الوحيدة التي سمحت لنا بأن نظل على اتصال مباشر مع الشباب، أمل كل أمة.

إننا في الواقع لم نكن مستعمرين سياسيا واقتصاديا فقط، بل، أيضا احتقرت ثقافتنا، وديست كرامتنا واعتبرنا شعوبا يكاد لا يكون لها أي اعتبار.

 

لقد عاش العديد من المغاربة هذه التجربة، وإن كان شبابنا اليوم لا يعلم شيئا عنها. هكذا اخترت من الطرق ما كنت متأكدا من أنه أفضلها كي تخدم بلادك، توقظ الضمائر، تكون العقول التي تجعل الجيل الصاعد مسلحا معنويا وروحيا وثقافيا كي يمارس الكفاح المحرر في جميع أوجهه.

 

إن المسافة بين مهنة المربي والالتزام السياسي قصيرة جدا. ولي اليقين بأن أغلب الحاضرين في هذه الجلسة قد عبروها. لقد كافحت كمناضل كي يسترد بلدك كامل سيادته. ولكن الاستقلال لم يكن سوى وسيلة. فعندما تم الحصول عليه كان علينا أن نثبت لأولئك الذين يطعنون في قدرتنا على تحمل مصيرنا الخاص بنا، أننا قادرين على ممارسة مسؤولياتنا بحماسة متوهجة رغم الصعوبات التي تعترض طريقنا.

 

لقد تقلدت مسؤوليات حكومية متعددة، أظهرت من خلالها أن المغرب والمغاربة الذين اعتبرهم المستعمر شعبا قاصرا، قادرون على بناء بلدهم بخطى راسخة، وعلى تحقيق النجاح الباهر فيما عجز الاستعمار عن القيام به. ثم التحقت بالدبلوماسية التي مارستها في الواقع قبل أن تنظم إلى سلكها كمسؤول. ألم تكن، فعلا أحد أولئك الذين شاركوا في الحوارات التي سبقت نهاية عهد الاستعمار؟ لقد خدمت كدبلوماسي بلادك في ظروف شتى وبفائق النجاح.

 

ها أنت من جديد وفي لمهنتك كمربي. لقد انسقت إلى خدمة المصلحة الإنسانية والدولية عبر مركز قيادي في الأمة الإسلامية حينما أصبحت مديرا عاما للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. هناك تلاقى مصيرانا، كما التقى طريقانا ذات يوم بساحةفونتونيبباريز، حيث كنت أتحمل مثلك نفس المسؤولية على الصعيد العالمي.

 

لقد علمتني التجربة أن المهمة ليست سهلة. وإنك ما زلت تؤديها ببراعة بالرغم من تعقدها، ولم لا أقول بالرغم من تناقضات العالم الإسلامي. يقينا أن الإسلام يظل قوة روحية تجتذب، أكثر فأكثر، الشباب الذي يرغب في أن يجد طريق الروحانيات في عالم سيطرت عليه اهتمامات مادية محض، يجب أن تساعدهم على ترسيخ إيمانهم عن طريق تربية إسلامية تغرف من ينابيع القرآن الكريم. وعلى العالم الإسلامي بصفة خاصة أن يسلك طرق التضامن والأخوة، ويكف عن حروب التقاتل بين الاخوة، ويلتزم بنهج طرق التجديد في جميع ميادين الحياة. إنها مهمة جسيمة بوسع التربية والتعليم والثقافة أن تساهم فيها إسهاما حاسما. حقا، إنها مهمة صعبة. لكنك تعودت على النضالات الصعبة المعقدة. وإني لأراك ما تزال في مكتبك كل يوم تواصل الجهد بكتمان وعزيمة ثابتة رغم التوترات والصعوبات من أجل القيام بمسؤولياتك.

 

نعم، إنك محق في ما تراه. فبالتربية استطعنا أن نكون عقولا مؤهلة لأن تكافح من أجل استرداد سيادتنا الكاملة.

 

بالتربية نكون أجيالا تستطيع أن تتضلع في العلوم والتقنيات، وأن تستعيد قدراتها الخلاقة التي تقيم للأمة الإسلامية قواعد نمو يشبه النمو الذي بوأها، خلال قرون مضت، مكانا مرموقا في العالم. بإمكاننا أن نحقق ذلك ونرضي طموحات شعوبنا وآمالها دون أن نفقد هويتنا الثقافية والروحية التي تبذلون قصارى جهدكم للمساهمة في الحفاظ عليها وإثرائها.

 

لا أريد أن أنهي كلمتي هاته دون أن أشير إلى قضية من أغلى قضايا تراثنا الثقافي تشغل قلب جميع المسلمين. أقصد بذلك قضية بيت المقدس. لا أخفيكم كامل إعجابي وتقديري لما أبديتموه من آراء وأسديتموه من نصائح هامة حينما كان عليكم أن تتخذوا قرارات حاسمة بهذا الصدد.

 

 

 

إخواني أخواتي، أصدقائي الأعزاء،

 

عندما يرتجل المرء يصعب عليه أن يقول كل ما يختلج في قلبه وذهنه. أجدد صداقتي وإخلاصي مع كامل اعتباري لصديقي العزيز عبد الهادي بوطالب. شكرا لك على كل ما حققته للمغرب وأيضا للأمة الإسلامية.

 

 

نقلته إلى العربية

فاطمة الجامعي الحبابي

شهادات
السيرة الذاتيه

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

رسالة وأهداف

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي