السبت 19 أبريل 2025
العربية | Français ٰ
العربية | Français ٰ

شهادة الأستاذ عبد القادر الإدريسي

عبد الهادي بوطالب، رصيد ضخم من الخبرة والتجربة في القضايا العربية والإسلامية.

إن الجانب الذي أود التركيز عليه في شخصية عبد الهادي بوطالب هو اشتغاله بالقضايا العربية الإسلامية على المستويين: جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فلقد أتيحت لعبد الهادي بوطالب فرص نادرة للتعامل مع الشؤون العربية الإسلامية، سواء قبل استقلال المغرب أو بعد الاستقلال حين تقلد مناصب سامية في الحكومات المغربية المتعاقبة من 1956 إلى 1979.

تعرف بوطالب على القضايا العربية الإسلامية عن كثب في زيارته الأولى التي قام بها إلى المشرق العربي في عام 1950، والتي طاف فيها باربع عواصم عربية كانت عندئد مراكز للعمل العربي في فترة تصاعد الغليان السياسي في المنطقة العربية على إثر الهزيمة النكراء التي لحقت بالعرب في حرب فلسطين في عام 1948 وقيام دولة إسرائيل في 15 مايو من نفس السنة.

وتعتبر هذه الجولة التي استغرقت شهورا والتي قادت بوطالب إلى القاهرة وبيروت ودمشق وعمان والقدس، الفرصة الأولى التي أتاحت له التعرف –على نطاق واسع وبصورة معمقة- على ما يصطلح عليه في الفكر السياسي بمشكلات العمل العربي المشترك، وبذلك استوعب بوطالب مجمل القضايا التي كانت تهيمن على الفكر السياسي العربي، خاصة بعد قيام جامعة الدول العربية في 23 مارس من سنة 1945 وذلك من خلال قناتين رئيسيتين :

أولاهما : الاتصال المباشر بزعماء العالم العربي وبقادة الرأي فيه من ساسة ومفكرين وصحافيين وعلماء وكتاب من مختلف الطبقات.

وثانيهما : القراءة المعمقة المتصلة في المراجع وأمهات الكتب التي صدرت عن (القضية العربية) وهو الاصطلاح الذي ظهر في العقد الثاني من القرن العشرين.

وقد تجمع لدى بوطالب نتيجة هذه المعرفة الموسعة بمشاكل العالم العربي وقضاياه رصيد ضخم من العلم ومن الخبرة والتجربة، ومن الخلفيات والخفايا والأسرار والمعلومات التي جعلته متخصصا واسع الدراية بالقضايا العربية وبمجمل الأنشطة والمهام التي تقوم بها جامعة الدول العربية عبر قنوات العمل العربي الذي تنهض بمسؤوليته. وبذلك صار بوطالب خبيرا متمكنا ذا رؤية عميقة في الشؤون العربية وأحد كبار المنظرين السياسيين العرب في هذا الحقل من التخصص السياسي.

إن هذه الخلفية الثقافية والسياسية والتاريخية هي التي تحكمت في اختيار جلالة الملك الحسن الثاني –نصره الله– الأستاذ عبد الهادي بوطالب سفيرا للملكة المغربية لدى الجمهورية العربية السورية في مرحلة دقيقة من مراحل تطور القضية العربية تميزت بظهور التناقضات السياسية والإيديولوجية التي  فاعلت لتؤدي بالعالم العربي إلى سلسلة الأزمات التي هيمنت على سنوات العقد السادس من هذا القرن.

ولست في حاجة إلى القول إن سوريا في مطالع الستينات كانت مسرحا لتفاعلات تمخضت عن أحداث وتطورات كان لها أبعد الأثر  فيما شهدته المنطقة العربية على مدى الثلاثين سنة الأخيرة، وقد عاش عبد الهادي بوطالب هذا المخاض من دمشق التي كان يطلق عليها في عصر طغيان الحماسة السياسية العربية (قلب العروبة النابض). فلم يكن مطلق سفير من مستوى راق، ولكنه يتخذ من موقعه الديبلوماسي وسيلة للتأمل الفكري العميق في الواقع العربي لاستكناه طبيعة هذه التحولات التي كانت تتفاعل وتتصارع، حينا بصورة صامتة وأحيانا بأشكال صاخبة، لتصنع في نهاية المطاف أخطر الأزمات التي عاشتها الأمة العربية في تاريخها الحديث.

وليس من شك في أن هذه التجربة العميقة التي عاشها بوطالب في دمشق والتي أكسبته خبرات فكرية وديبلوماسية قلما تتوفر لديبلوماسي عربي، هي التي خولته لتولي منصب وزير الخارجية في مرحلة دقيقة من تاريخ العرب والمسلمين، حيث بلغت التحديات الاستعمارية للأمة ذروتها بإحراق المسجد الأقصى في ذلك اليوم الأسود 21\8\1969. وكان عليه أن يتحمل مسؤوليات عربية وإسلامية ثقيلة حين اختاره جلالة الملك الحسن الثاني للتحضير لمؤتمر القمة الإسلامي الأول الذي عقد بالرباط في شهر سبتمبر من سنة 1969.

لقد أتاحت هذه الأحداث لعبد الهادي بوطالب، ومن موقعه المتميز القريب من جلالة الملك أن ينهض بمسؤوليات تاريخية في تأسيس ما اصطلح عليه بالعمل الإسلامي الدولي الذي انطلق من القمة الإسلامية الأولى ليتبلور ويستكمل شروطه بتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1972.

وإذا كان قيام منظمة المؤتمر الإسلامي جاء تكريسا لفكرة التضامن الإسلامي وتعميقا لها على المستويين النظري والتطبيقي، فإن هذه المنظمة الإقليمية امتداد طبيعي لشقيقتها جامعة الدول العربية. ولعبد الهادي بوطالب  رأي علمي في موضوع العلاقة بين المنظمتين، فهو لا يفرق بين (العمل العربي المشترك) في إطار جامعة الدول العربية، وبين (العمل الإسلامي الدولي) على صعيد منظمة المؤتمر الإسلامي، ويعتبر الفصل بين العملين، على أي مستوى من المستويات، خروجا عن الطبيعة الأصلية للرسالة التي تنهض بها المنظمتان العربية والإسلامية. ولذلك يحرص عبد الهادي بوطالب أشد ما يكون الحرص على رفع واو العطف من بين الصفتين العربية والإسلامية فيقول (العمل العربي الإسلامي). وهو يدرك المعنى العميق للعبارة، ولا يقول (العمل العربي والإسلامي). فالعمل في هذا الإطار في رأيه عمل واحد مترابط ومتصل بطبيعته وبحقيقته وبالأهداف التي يسعى إليها.

شهادات
السيرة الذاتيه

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

رسالة وأهداف

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي