الجمعة 27 سبتمبر 2024
العربية | Français ٰ
العربية | Français ٰ

عندما تدعونا "كورونا" إلى استحضار فكر الأستاذ عبد الهادي بوطالب

الخميس 10 ديسمبر 2020

كشفت جائحة "كورونا" عن بعض الإشكاليات، التي كان من المضطر، اللجوء إلى الاجتهاد أو الفتوى للحسم بشأنها، ويتعلق الأمر، بإغلاق المساجد، سواء تعلق الأمر بصلاة الجماعة أو صلاة الجمعة.

 

وفي المغرب، وكما هو الحال في العالم الإسلامي أو العالم أجمع، فإن عددا من التدابير الاحترازية والاستباقية تم اتخاذها لتطويق هذا الوباء والسيطرة عليه، فلقد أغلقت الحدود والمدارس والمقاهي والمطاعم، إلى غير هذا من التدابير التي اتخذتها الدول، ومن بينها المغرب.

 

وبالنسبة للعالم الإسلامي، فقد أغلقت المساجد، بما في ذلك المسجد الحرام والمسجد النبوي. وقد توزعت الآراء بهذا الخصوص إلى اتجاهين، اتجاه ينظر إلى الوباء نظرة تُحيل إلى ما هو غيبي، واتجاه له نظرة موضوعية إلى الأشياء، وهو الذي يمثل الاتجاه العام أو الأغلبية داخل العالم الأسلامي هذا الاتجاه يستمد مشروعيته من الشريعة حيث التأكيد على حفظ الأبدان وتقديم دفع المضرة على جلب المصلحة. إن الأمر له علاقة بالحق في الحياة، وقد اهتم الإسلام بهذا الحق الذي هو حق من حقوق الإنسان.

 

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أنه بطلب من جلالة الملك أمير المؤمنين، موجه إلى المجلس العلمي الأعلى في هذا الشأن، فقد أكد المجلس على ضرورة إغلاق المساجد بالنسبة للصلوات الخمس وصلاة الجمعة، حيث بمجرد ما تعود الحالة الصحية إلى وضعها الطبيعي، ستعود الأمور إلى نصابها.

 

هذه الفتوى، وهذه التدابير الصحية، جعلت العديد من الفقهاء والباحثين يعود إلى تاريخ الإسلام  وكيف أنه في عهد الرسول والخلفاء الراشدين وفي العهود الموالية كان اللجوء إلى الحجر أو العزل كلما واجهت الأمة وباء من الأوبئة، بحيث كان الحرص على سلامة المسلمين وسلامة أبدانهم، وفي مقالة له تحت عنوان "الاجتهاد والمجتمع الإسلامي المعاصر"، تحدث الأستاذ عبد الهادي بوطالب عن تطور الاجتهاد منذ الدعوة الإسلامية إلى ما يستوجبه عالمنا الإسلامي في العصر الحاضر من اجتهادات في ظل العولمة الشاملة.

 

وقد أشار في هذا الباب إلى أن مؤسسة الاجتهاد سن قواعدها الأولى الرسول نفسه، وكانت تواكب نزول الوحي وذلك بالنسبة للقضايا الفرعية الدنيوية، حتى يكون الإسلام مكتمل التشريع بالنسبة للدين والدنيا، أي أن مؤسسة الاجتهاد نشأت مع نشأة الدعوة.

 

وفي مجال الصحة، يؤكد الأستاذ عبد الهادي بوطالب، بأن العلم يتقدم تقدما مذهلا في جميع المجالات ويفاجئنا كل يوم باكتشافات جديدة وعلى الاجتهاد الجماعي المعاصر أن يفتح أعماق هذه الاكتشافات بقصد الوصول إلى التبرير الشرعي لها ما أمكن، كلما كان فيها نفع للبشر بدون تعارض مع الدين.

 

وفي هذا الباب لابد وأن نثير ما كان قد طالب به الأستاذ عبد الهادي بوطالب، من دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي أسمى سلطة القرار السياسي الإسلامي، إلى تبني الاجتهادات الصادرة عن المجامع والمجالس العلمية المتخصصة وتعميمها على الدول الأعضاء لتقوم بإدماجها في قوانينها وليتوحد عالم الإسلام على كلمة سواء. إنها اجتهادات معطلة وغير متبناة ولا تدعمها سلطة القرار وهذا عائق لابد من التغلب عليه لتحقيق الاجتهاد الواحد الصادر عن الإسلام الواحد.

 

هكذا يتضح أن الدين الإسلامي ليس دينا جامدا وأن من شأن الاجتهاد الرصين، كما هو الحال بخصوص مواجهة وباء كورونا، حيث اتفقت بكيفية ضمنية كل دول العالم الإسلامي على إغلاق المساجد كإجراء وقتي احتياطي حيث لا تعارض بين الإيمان الديني وبين متطلبات الوقاية لتجنيب ما يمكن أن تحدثه التجمعات البشرية في المسجد وغيره من أضرار صحية.

                                عن مؤسسة عبد الهادي بوطالب

أخبار و أنشطة و منشورات
السيرة الذاتيه

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

رسالة وأهداف

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي