الدكتور عبد الهادي بوطالب مختارات من خطبه وكلماته

كان الدكتور عبد الهادي بوطالب علَماً شامخاَ من أعلام الفكر والعلم والثقافة والديبلوماسية والأستاذية، يفتخر به العالم الإسلامي، وليس بلده المملكة المغربية فحسب، لأن مساحة اهتماماته كانت تمتدُّ من المحيط إلى المحيط. ولذلك كانت وفاته خسارة للأمة الإسلامية.

لقد كان الدكتور عبد الهادي بوطالب أول مدير عام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- بقرار اتخذه بالإجماع المؤتمرُ التأسيسيُّ الذي عقد في مدينة فاس المغربية في شهر مايو سنة 1982 . واستمر في منصبه على رأس المنظمة إلى نهاية شهر نوفمبر 1991، باذلا جهوداَ مضنية في وضع القواعد التأسيسية للمنظمة، وفتح آفاق العمل أمامهاـ وساعياَ من أجل تثبيت حضورها في الساحة الدولية، ونشر رسالتها الحضارية في العالمـ تعزيزاَ للعمل الإسلامي المشترك الذي يخدم أهداف التنمية الحضارية الشاملة في العالم الإسلامي في مجالات التربية والعلوم والثقافة.

وكان الدكتور عبد الهادي بوطالب أحد أركان العمل الإسلامي المشركـ وإحدى الشخصيات العامة ذات الحضور والإشعاع داخل العالم الإسلامي وخارجه، ومفكراَ من الطبفة العليا ذا ثقافة واسعة وعلم غزير ورؤية نافذة، شارك مشاركة فاعلة، في ميادين الفكر والعلم والتاريخ والأدب والثقافة، فضلاَ عن الإنجازات الكبيرة التي حققها في مجال العمل الدبلوماسي والسياسي، حيث تقلد مناصب عليا في الدولة المغربية، فكان وزيراَ في الحكومة الأولى بعد استقلال المغرب، ثم تثلب في مناصب وزارية في فترات متعاقبة، منها وزارة التربية الوطنية، ووزارة العدل، ووزارة الخارجية، ووزارة الإعلام، وكان رئيسا للبرلمان، وعمل سفيراَ لبلده في سوريا ثم في الولايات المتحدة الأمريكية، كما عمل مستشاراَ لجلالة العاهم المغربي الملك الحسن الثاني، يرحمه الله. وكان عضواَ في أكاديمية المملكة المغربية، وهي أكبر محفل علمي وثقافي وأكاديمي في البلاد، وعضواَ في مجامع ومؤسسات علمية وفكرية عربية وإسلامية أخرى، وأستاذاَ للقانون الدستوري وللعلاقات الدولية في كلّ من جامعة محمد الخامس في الرباط وجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء.

لقد فقد المغرب والعالم العربي الإسلامي بوفاة الدكتور عبد الهادي بوطالب، شخصية رفيعة المقام ذات سجايا حميدة ومؤهلات عليا ومواهب مبدعة. وعلى مدى سبعة عقود قدم الدكتور عبد الهادي بوطالب لبلده ولأمته ولدينه ولثقافته، جليلَ الخدمات وعظيم الإنجازات، منذ أن كان فتى يافعا ظاهر النبوغ في جامعة القرويين التي تخرج فيها في سن مبكرة، بحيث كان أصغر خريجي هذه الجامعة العريقة ينال شهادة العالمية

وكان عبد الهادي بوطالب من مؤسسي الحركة الوطنية في المملكة المغربية في المرحلة الاستعمارية، ومجاهدا بالفكر والقلم والموقف السياسي، دفاعا عن استقلال الوطن، وحماية لمقدساته وقيمه وخصوصياته الروحية والثقافية والحضارية.

وإن المنظمة الإسلاميى للتربية والعلوم والثقافة، التي ودعت يوم الأربعاء 16 ديسمبر 2009، مديرها العام المؤسس يقلوب حزينة، وتقيم يوم 21 يناير 2010 في مقرها الدائم، حفلا تأبينيا له، لتعتزُّ بالغ الاعتزاز، بما قدمه لها من خدمات جلَّى ستظل محفورة في ذاكرتها ومسطورة في سجلها وموضعَ اعتبار على مدى الأيلم.

وفي هذه المناسبة تعيد المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة نشر الكتاب الذي أصدرته عن الدكتور عبد الهادي بوطالب سنة 1992 بعنوان : "الدكتور عبد الهادي بوطالب : مختارات من خطبه وكلماته"، بمناسية حفل التكريم الذي أقامته تقديرا ووفاء له، في أكاديمية المملكة المغربية، يوم 3 مايو 1992، والذي ترأسه ولي العهد آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير سيدي محمد (صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله. ويضم هذا الكتاب عددا من الكلمات التي ألقاها الدكتور عبد الهادي بوطالب في مؤتمرات وندوات دولية، سواء تلك التي عقدتها الإيسيسكو، أو التي شارك فيها باسم المنظمة. وهي شاهدة على المنزلة الفكرية العالية التي كان يتبوأها باعتباره من صفوة المفكرين الكبار والمثقفين المتميزين المقتدرين.

رحم الله الدكتور عبد الهادي بوطالب برحمته الواسعة، وجزاه، سبحانه وتعالى، الجزاء الأوفى عما قدم لبلده ولأمته من خدمات جليلة دخل بها تاريخ العمل الإسلامي المشترك وتاريخ الجهاد الوطني السياسي والثقافي والفكري.

الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري

المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-

الرباط : 19 من محرم الحرام 1431 هــ

الموافق : 5 من يناير 2010 م

منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" 2010/1431

مؤلفات
أخبار - انشطة و منشورات
Biographie

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

Mission et objectifs

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي