ذكريات شهادات ووجوه الجزء الأول

تتطرق مذكرات الأستاذ عبد الهادي بوطالب لمراحل بالغة الأهمية من تاريخ المغرب والبلاد العربية والإسلامية، تم فيها تشكيل الملامح الأساسية لعصر النهضة في العالم العربي والإسلامي الذي تميز بقيام الحركات الفكرية والسياسية والتحريرية التي يرجع إليها الفضل في صياغة الأسس التي قامت عليها الحياة السياسية في أوطان العروبة والإسلام. وتمتاز هذه المذكرات إلى جانب دقة الوصف وشفافية العرض وتلقائية التناول وإشراقة أسلوبها الأدبي بخوضها في تفاصيل المعارك السياسية  والفكرية التي انخرط فيها الشغب المغربي خاصة، وشعوب المغرب العربي عامة، في مرحلة شديدة الحيوية  من مراحل التطور التي اجتازتها هذه المنطقة وهي تتجه نحو تحرير إرادتها، وتأكيد هويتها واستكمال الشروط الموضوعية لنيل استقلالها بالتخلص من العهد الاستعماري. وعبد الهادي بوطالب، وهو من القمم السياسية والثقافية في المغرب، تقلد عدة مناصب سياسية رفيعة، وله إسهامات وكتابات. لذلك هو خير من يجلى لنا هذه الصفحات المشرقة من تاريخ هذا الجزء من الوطن العربي الإسلامي. ولقد وفق إلى أبعد الحدود في الكشف عن دقائق الحياة العامة في المغرب في العقد الثالث من هذا القرن حين اختلف إلى جامع القرويين وهي تعد معقلا من معاقل الثقافة العربية والإسلامية ينهل العلوم ممزوجة بالروح الوطنية، يتفتح وعيه على الصراع السياسي في بلاده وهي تناضل من أجل التخلص من ريقة الاستعمار، وتكافح في سبيل التحرر من رواسب التخلف والانحطاط، سواء على المستوى الفكري أو الثقافي، وعلى مستوى الممارسة الفعلية للحياة وفقا للقيم الحضارية التي صاغت تاريخ المغرب وشكلت وجدان شعبه العربي المسلم. ومن خلال مذكرات عبد الهادي بوطالب تتبدى لنا مظاهر مختلفة من المجتمغ المغربي، وملامح متفرقة من تاريخه الحديث، وصور متعددة من الجهاد الوطني الفكري والثقافي والعسكري الذي خاضه شعب المغرب في الجبال والسهول والوديان والصحراء تمردا ورفضا للحماية الفرنسية والإسبانية التي فرضت عليه. ويبرز بوطالب في إشراقه بيان وجمال عرض حياته منذ أن كان طالبا في القرويين، وما اكتنف هذه الحياة من ضروب المعاناة طلبا للغلم في ظروف كانت وطأتها شديدة على المغاربة أجمعين، ويستغرض وهو يروي المراحل الأولى من نشأته وتكوينه البطولات والمراحل التي عاشها المغرب وهو يدافع عن هويته العربية الإسلامية، وهو يرفض الهيمنة والقهر، وهو ينشد حياة الحرية والكرامة والعزة. ولا تخلو هذه المذكرات من متعة عقلية راقية، فالمؤلف، وهو العالم المثقف والباحث الأكاديمي، لا يغفل أثناء استغراقه في الرواية السياسية للأحداث والوقائع عن أن يخوض في القضايا الفكرية والمسائل الثقافية وشؤون شتى، مما يتصل بالفكر والتاريخ والأدب واللغة، وتراجم الإعلام وتحليل الشخصيات، وشرح غوامض الأحداث والكشف عن أبعاد الوقائع والروايات التاريخية سواء التي عاشها وهو في طفولته المبكرة ويفاعته، أو تلك التي كانت تروج وتتناقلها الألسن ويرويها الأباء للأبناء. وتشتمل المذكرات على قسط وافر من المعلوماتعن بواكير الحركة السلفية في منطقة المغرب العربي، وعن علاقة هذا الجزء من الوطن العربي الإسلامي بالحركات السلفية والأدبية والسياسية في المشرق العربي. وعن شخصيات فذة لعبت أدوارا متميزة في الحياة الفكرية والثقافية والسياسية في بلدان المغرب العربي، وبصفة خاصة في المغرب الأقصى حيث نتابع مسرج الأحداث، ونعيش تجربة نمو مفكر فذ، وسياسي محنك، ورجل دولة سيكون له موقعه في بناء استقلال بلاده، وفي بلورة العمل العربي والإسلامي المشترك من خلال علاقاته واتصالاته والمناصب القيادية التي شغلها. إن مذكرات عبد الهادي بوطالب سفر قيم من أسفار تاريخ الأمة العربية الإسلامية في مطالع هذا القرن، بقلم أحد الشهود على العصر ممن توفرت لديهم صدق التجربة وحسن البلاء، وسعة الاطلاع، وعمق المعرفة.

والله الموفق

 الناشران: هشام ومحمد علي حافظ

الناشر الشركة السعودية للأبحاث والتسويق الإيداع القانوني : 1992/809

Fichier PDF

مؤلفات
أخبار - انشطة و منشورات
Biographie

نبذة عن حياة الفقيد الأستاذ عبد الهادي بوطالب

Mission et objectifs

مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري

مقالات وندوات
مؤلفات
المركز الإعلامي